خريف المعارضة الجزائرية
حتى وإن تزامنت الإنتخابات الرئاسية
الجزائرية مع فصل الربيع فإن لها تزامنا أخر مع خريف المعارضة؟؟؟
المعارضة الجزائرية التي تمثلت في رموز
تاريخية من أبرزها الدا الحسين والراحل محمد بوضياف وعدد كبير من رموز المعارضة
الاسلامية التي لها حضور مميز في كل الانتفاضات والمواجهات مع السلطة من بن بلة
إلى بومدين الى الشاذلي الذي قطع معهم حبل المودة في مواجهة 1982 بماسمي أحداث
الجامعة المركزية التي
أوقف على إثرها العشرات من الإسلاميين والجناح الراديكالي في الحركة الإسلامية
وعلى رأسهم أنذاك الشيخ عبداللطيف سلطاني وعباسي مدني والشيخ سحنون وقبل أحداث
الجامعة كان الربيع الأمازيغي في 1980
لاأريد الخوض كثيرا في
عمل المعارضة السري لكن أردت الخوض في عملها عندما أقرها دستور 1989 في
مادته 40
·( الـمادة 40
: حق إنشاء الـجمعيات ذات الطابع السياسي معترف به .
ولا
يـمكن التذرع بهذا الـحق لضرب الـحريات الأساسية ، والوحدة الوطنية ،
والسلامة الترابية ، واستقلال البلاد ، وسيادة الشعب .)
هذه المادة سمحت للكثير من الفعاليات
والشخصيات السياسية الخوض العلني في العمل السياسي وعودة المنفيين طوعا أوكرها الى
أرض الوطن أمثال أيت احمد والرئيس الراحل احمد بن بلة
عرفت الجزائر انفتاحا سياسيا وإعلاميا
رهيبا لم تعرفه أي دولة عربية وكان التلفزيون الجزائري الأرضي قبل أن تغزونا
الفضائيات والهوائيات المقعرة محط استقطاب داخل تراب الجيران خاصة المغرب
وتونس على الحدود ووقفت بنفسي على أشرطة الساسة الجزائريين خاصة قادة الفيس تباع
في المغرب وكانها الهروين بل أكثر ؟؟؟
ذالك التنافس المحموم لأخذ ثقة الشعب رافقته حمى اعلامية حزبية فلكل حزب صحيفته ولكل
حزب مقره الوطني بالعاصمة السياسية والاقتصادية الجزائر فأينما وليت وجهك مقر لحزب
وطني ؟؟؟؟
ومن بين حوالي سبعين حزبا سياسيا تم
اعتماده في الجزائر (58 منها اعتمدت بين 1989 و 1992) لم يكن عدد الأحزاب
التمثيلية فعلا يتجاوز أصابع اليدين
دخل الشعب الجزائري بعد فترة مخاض
ديمقراطي قصيرة جدا أول انتخابات تعددية شفافة ونزيهة وهي انتخابات
المجالس البلدية والولائية في جوان 1990
لم يتوقع أحدا
النصر الساحق لجبهة الإنقاذ في انتخابات 1990 المحلية (أقل من سنة من اعتماد هذا
الحزب كما أنها توقعت نصرا هزيلا لها
في الانتخابات التشريعية نهاية 1991.
وعلى عكس ذلك حصلت جبهة الإنقاذ على أكثر من نصف مقاعد الانتخابات البلدية والولائية عام 1990 متقدمة جبهة التحرير والمستقلين المحسوبين على السلطة أما الأحزاب ال35 الأخرى المشاركة فحصلت مجتمعة على نسبة أقل من 7%، أما في الانتخابات البرلمانية لعام 1991 فلم يحصل 46 حزبا من بين 49 شاركت فيها على أي مقعد من المقاعد التي حصدتها الجبهة الإسلامية للإنقاذ وتركت حفنة منها لجبهة التحرير الوطني وجبهة القوى الاشتراكية التي سبق لها أن قاطعت الانتخابات المحلية.
وعلى عكس ذلك حصلت جبهة الإنقاذ على أكثر من نصف مقاعد الانتخابات البلدية والولائية عام 1990 متقدمة جبهة التحرير والمستقلين المحسوبين على السلطة أما الأحزاب ال35 الأخرى المشاركة فحصلت مجتمعة على نسبة أقل من 7%، أما في الانتخابات البرلمانية لعام 1991 فلم يحصل 46 حزبا من بين 49 شاركت فيها على أي مقعد من المقاعد التي حصدتها الجبهة الإسلامية للإنقاذ وتركت حفنة منها لجبهة التحرير الوطني وجبهة القوى الاشتراكية التي سبق لها أن قاطعت الانتخابات المحلية.
من هذا المنطلق أردت أن اتكلم عما يتداول اليوم من قبل أحزاب
ذات ثقل نسبي (لما شهدته من انقسامات في هياكلها وكياناتها )ترويجا للمقاطعة وهل
فعلا المقاطعة هي الحل ولماذا كانت هاته الكلمة غير رائجة ولا متداولة قبل
افريل 1999 عندما أقدم الستتة مترشحين للرئاسة بالانسحاب وترك بوتفليقة وحده في
الساحة ؟؟؟
وماذا بعد مقاطعة تلك الانتخابات ؟؟؟
هل أسسنا لعمل
ديمقراطي يخيف السلطة من معاودة الطريقة ذاتها أم أسسنا لعكس ما اردنا فأصبحت
السلطة هي من تدفع بطريقة أو بأخرى بخصومها لمقاطعة أعراسها حتى يخلوا لها
الجو وكما يقول المثل الشعبي (غيب ياقط ألعب يافار ؟؟؟)
المعارضة الحالية تتكلم عن التزوير وهو عمل ليس جديدا حتى في
زمن الحزب الواحد والقائمة الواحدة وزمن الاستفتاء كانت عملية ملئ الصندوق متداولة
وتكاد تكون من ثقافتنا الشعبية في المناسبات الانتخابية وحاولت البحث كيف ورثناها
وفرنسا لاتعترف بالتزوير فلم أجد جوابا وقلت في قرارات نفسي أتمنى أن لايكون
استفتاء تقرير المصير مزورا ؟؟؟
التزوير واللعبة المغلقة والنتيجة المحسومة؟؟؟ كلمات ضج من
مسمعها غالبية الشعب الجزائري لان الحقيقة عكس مايقولون ؟؟؟
في انتخابات 1990 و 1991 كان القوة الانتخابية المعارضة
للسلطة والممثلة انذاك في الفيس قوة مراقبة رادعة استطاعت أن تردع حتى غلاة
التزوير في الصناديق المتنقلة وفي بلديات الجبهة التقليدية والتي كانت مرتعا خصبا
لحزب السلطة الافلان فكانت نتائج الاقتراع دوما بالبوادي والارياف والصحاري
100 /100 بينما في المدن الكبرى بالكاد تصل الى 50 / 100 قبل التعددية وبعد توقيف
المسار الانتخابي ؟؟؟
الاحزاب التي شخصت الخلل ظلت واقفة
لمعالجته خاصة وأنه تكرر في انتخابات الرئاسة عام 1995 عندما تكلم جماعة حماس
قبل أن يحذف ألفها في التعديل الدستوري 1996 أن الرئيس الشرعي هو نحناح وليس
زروال وأن النتائج تم تغييرها في المحاضر الولائية ؟؟؟
وجاءت بعدها الانتخابات التشريعية
والمحلية سنة 1997 لتكرس نفس الفعل ملئ الصناديق المتنقلة وتغيير المحاضر في
الولايات ؟؟؟
تلك الأحزاب الملدوغة من الجحر مرات لم
تدعوا للمقاطعة بل دعت لتفعيل أداة المراقبة من خلال اللجان المحلية المستقلة ومن
خلال التمثيل الحزبي لكن باعطاء نسخ من محاضر المكاتب لكل ممثلي القوائم
الانتخابية
وهو ماتجسد فعلا بعد جهد كبير من النضال
في قانون الانتخابات المعدل
البند 12 من المادة 175 من قانون الانتخابات
(-
أن كل اﻟﺘﺮﺗﻴﺒﺎت ﻗﺪ اﺗﺨﺬت ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺴﻠﻴﻢ ﻓﻲ اﻵﺟﺎل اﻟﻤﺤﺪدة ﻟﻨﺴﺨﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻴﺔ
اﻟﺒﻠﺪﻳﺔ ﻟﻜﻞ ﻣﻤﺜﻞ ﻣﻦ
ﻣﻤﺜﻠﻲ اﻷﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻤﺘﺮﺷﺤﻴﻦ
اﻷﺣﺮار اﻟﻤﺸﺎركين ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت، اﻟﻤﺆهلين ﻗﺎﻧﻮﻧﺎ،)
هذا البند مثل قفزة نوعية في مراقبة
الانتخابات بشكل مباشر وابعاد شبح التزوير الا اذا كان مع سبق الاصرار والترصد كما
حدث في انتخابات 1997 عندما حصد حزب التجمع الوطني الديمقراطي RNDأغلب
المقاعد في البرلمان وفي الولايات والبلديات لأن التزوير كان (عيني عينك) وانقل
لكم صورة عشتها في بلدية بسكرة عندما تحصلت حركة النهضة تحت قيادة الشيخ عبد الله
جاب الله أنذاك على 13 مقعد باغلبية مطلقة والتجمع على مقعدين والي بسكرة قرر وهو
محمي ان تصبح 13 مقعد للتجمع الناشئ في ذالك العام ومقعدين فقط للنهضة الفائزة ؟
لم تستطع النهضة أن تحاجج لأن لا وثيقة
لديها تثبت اقوال مراقبيها فكل ماقاموا به هو حساب الأصوات عند الفرز في اوراق
مسودة وفقط ؟؟؟؟لكن لو كانت لديها النتائج موثقة بمحاضر رسمية مختومة من رؤساء
المكاتب ماتجرأ الوالي لتجاوز نتائج عشرات الضناديق والاستطاعت النهضة اللجوء
للعدالة لقلب الطاولة على المزورين وربما الزج بهم في السجن ؟؟؟
اليوم المشهد تغير كثيرا عما عشناه في
التسعينات عندما كانت المراقبة عملا تطوعيا من مناضلي الاحزاب الفاعلة خاصة
الأحزاب الاسلامية التي كان مناضلوها الحقيقيون وليسوا المزيفون يعتبرون عملهم
جهاد في سبيل الله ووقوفا عند ثغر من الثغور حتى الصلاة كانت تؤخر أو تقام قصرا
وجمعا وكأنهم في حرب وهم كذالك مع المزورين الذين كان شعارهم (تغفل طار راسك)
ذالك النوع من النضال تلاشى مع ظهور
التعويض المالي لأعضاء اللجان
المحلية لمراقبة الانتخابات وانفتاح الباب على مصراعية أمام المال الفاسد ليحل محل
النضال الحزبي الحقيقي ؟؟؟
وأصبحت كل الأحزاب بما فيها الاسلامية تسلم
الأجر للمراقب حتى ولو بشكل رمزي وهو ماسهل شراء الذمم في سوق ملئ بالعهر السياسي
الممزوج بالمال الحرام ؟؟؟
المقاطعون اليوم في رائي لايستطيعون
توفير الحماية للصناديق أو حتى استلام المحاضر في كل المكاتب وهو ماجعلهم يفضلون
الطريق السهل وهو المقاطعة وشعارهم في ذالك المثل الشعبي (عين لاتشوف قلب لايوجع )
ولانختم موضوعنا قبل ان نذكر بما حدث في
مصر في انتخابات الرئاسة عندما تحالفت كل القوى المالية والاعلامية الفاسدة ضد
الرئيس مرسي لكن انصاره وهم من البسطاء وقفوا واستلموا المحاضر مكتبا مكتبا من
القضاة ليعلنوا النتائج الرسمية قبل ان تعلنها اللجنة الوطنية للانتخابات مما
جعلها في موقف محرج خاصة وان الأخوان طبعوا تلك المحاضر في نسخ عدة والنتائج
محسوبة بدقة متناهية ليكون القرار في الاخير لمن وقف وراقب وتابع لا لمن قاطع ونام
في بيته يتابع النتائج من وراء الشاشات يندد هنا ويستنكر هناك عملية تزوير لاشاهد
عليها سوى أرقام مشكوك في صحتها؟؟
المعارضة الجزائرية التي عصفت بها
الانقسامات قبل أن تعصف بها الانتخابات يجب أن تستمر في نضالها الطويل والشاق ويجب
أن تكمل مسار التغيير بفرض الرقابة القضائية التامة على المكاتب ولو تجزأت الاتتخابات
الى شمال وجنوب أو غرب وشرق لعدم كفاية التغطية القضائية ؟؟
وبعد ذالك يبقى العمل عليها لتأطير
أحزابها بمناضلين همهم انجاح أحزابهم لا إنجاح أشخاص بعينهم والطريق الذي بدأوه
قبل سنوات مازالت فيه من العراقيل ماأرهق جيل الثمانينات الذي قاد عربات الأحزاب الناشئة بعد انتفاضة
أكتوبر لكنه لايرهق جيل قادم يجب أن نزرع في الامل لاأن نزرع فيه الخيبة والانكسار
ويجب أن نعلمه المقاومة السلمية لامقاومة هدم المنشآت العامة .
وأقول أن المعارضة اليوم في خريفها لذالك
ظل الربيع العربي بعيدا علينا ونحن الذين أزهر ربيعنا ذات 1988 لكنه لم يثمر ولعل
في ذالك حكمة ارتضاها الله نحن نجهلها ؟؟؟؟؟
كاتب المقال عبدالحليم هياق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق